«الدجاجة التي تبيض ذهبًا».. كيف تصبح صحفيًا ناجحًا؟

 علياء عصام الدين

شهد الإعلام في الآونة الأخيرة طفرة جوهرية، وثورة غير مسبوقة في الشرق الأوسط، حيث أدى التطور التكنولوجي وانتشار منصات التواصل الاجتماعي، والسيل الجارف من التطبيقات الذكية إلى تغيير بوصلة الإعلام والصحافة بشكل جذري، حيث أصبح القارئ يتجه للبحث عن كل ما هو سريع وبسيط وموجز، ويتابع بشغف تحليلات نتائج الأخبار بنقرة واحدة على هاتفه الذكي.

فالأخبار السريعة والمواد المصورة أضحت هي المسيطرة على المشهد الإعلامي، بعد الانحسار الشديد والعزوف عن قراءة الصحف المطبوعة، التي يرى فيها المستخدمون الآن مجرد «بريستيج» عفى عليه الدهر وأوراقا مهدرة لا تتم قراءتها.

ووفقًا لهذه التطورات السريعة في عالمنا التقني، كان لا بد للصحف والمنابر الإعلامية أن تأخذ هذه التحولات بعين الاعتبار، فمن الصعب أن يستمروا في استخدام الأساليب الصحفية العتيقة والمدارس القديمة في عصر التكنولوجيا.

إن الأولوية الآن في عصر بات فيه “الهاشتاج” والصورة أسرع وسائل الوصول إلى المعلومات والأخبار، أقول: الأولوية هي أن تجد المؤسسات الصحفية طرقًا بديلة وتطور المحتوى الإعلامي ليواكب متطلبات العصر الحديث، أن تؤمن هذه الصحف أن اختلافًا جذريًا قد حدث في طريقة قراءتنا للأخبار، أن أختلافًا عميقًا قد لحق بأهوائنا ومتطلباتنا، وأذواقنا العامة.

قد يعتقد البعض أن هذا التطور قد يؤثر بشكل كبير ويطمس بقوة مهنة “الصحافة” ويجعلها في طي النسيان، بيد أن الصحفي في عالم التكنولوجيا الحديثة إما أن يكون هو «الدجاجة التي تبيض ذهبًا» أو فليمت إلى الأبد.

يجب على «صحفي الأونلاين» -إن جاز لنا التعبير- أن يقوم بتطوير ذاته ليصبح قادرًا على الدخول في التحدي الأكبر من خلال ابتكار طرق جديدة وأفكار تلقى اهتمامًا من جانب الجمهور المتلقي، بالتالي على المؤسسات الإعلامية أن تستثمر في تدريب الصحفيين ليكونوا هم التحدي الأكبر لاستدامة منصاتها الإعلامية، فالصحفي في مجتمع التكنولوجيا يجب أن يعرف كيف يطرح الأسئلة التي تهم القارئ ويقدم له محتوىً مختلفًا ليتمكن من الاستمرار في حلبة الصراع الإعلامي.

في ظل وجود 226 مليون مستخدم عربي للإنترنت بحلول 2018 منهم 81 مليون مستخدم للفيسبوك وحده -وفقًا لتقرير اقتصاد المعرفة العربي “2015/ 2016”- أصبح كل شخص صحفي ولديه القدرة على الولوج للمعلومات واستخدامها ونشرها ومشاركتها مع الآخرين، من هنا تكمن  أهمية “التفرد” في صناعة المحتوى.  

إن مركزية المعلومات التي تتمتع بها منابر الإعلام التقليدية أضحت “مهددة” بقوة، وسط انتشار مصادر الأخبار وتعددها، لاسيما تلك الصفراء وغير الموثوقة، فهي بحاجة لخلق نماذج جديدة للانتشار لتجاوز أزمتها الراهنة.

ويحتاج الصحفي في عصر الانفجار المعلوماتي والتكنولوجي إلى تنويعة جديدة من المصطلحات ولغة أكثر سلاسة هادئة مناسبة بعيدة عن “التحذلق” التقليدي في استخدام الكلمات.

إن لغة الصحافة الإلكترونية التي تعج بالـ«هاشتاجات» أضحت مسيطرة على” الجو “الصحفي، وأكثر قبولًا لدى المتلقي وعلى كل المدارس التقليدية في الصحافة أن تتيقن أنها ما إن وقفت على أعتاب الماضي وتمسكت بأساليبها العتيقة لن تجد لها مكانًا في عالم الصحافة الجديد.
المستقبل إذًا أصبح للصحافة الإلكترونية وهي «صنعة» تستلزم التطوير والإتقان، فصحفي اليوم وجب عليه أن  يستوعب جيلا ابتعد مسافة “شاسعة” عن لغته العربية، حتى باتت بلاغتها متعثرة على لسانه، وباتت الأخطاء التي يرتكبها كثير من الإعلاميين والمسؤولين فادحة تثير الدهشة، فيوجه قلمه وكلمته إلى جذب هؤلاء بأسلوب بسيط أخاذ يحبه العوام ولا يرفضه المثقفون والعلماء.

الصحفي الإلكتروني لم يعد مجرد محرر يعيد كتابة النص من وكالات الأنباء بصورة مغايرة، فهو ذلك الذي يصنع الموضوع بنفسه يخلقه خلقًا ويضيف إليه الصور والفيديوهات المصورة التي تلقى قبولًا لدى الجمهور.

هو ذلك “الموسوعي” الذي عليه أن يختصر العشرات من وظائف الصحافة التقليدية في شخص واحد.

فهو يعرف كيف يتواصل بلغة شباب الإنترنت ليصل إليهم، يعرف كيف يقوم بتصوير الفيديوهات والصور الفوتوغرافية، وكيف يعلق صوتيًا على مادته المصورة، عليه أن يتقن استخدام السوشيال ميديا بكافة فروعها ويا حبذا لو اتقن الفوتوشوب وفنونه وكيفية التعامل مع برامج المونتاج، كل هذا وأكثر يجب أن يتأهل به الصحفي الإلكتروني إضافة إلى بديهيات الصحافة وأساسياتها المعتادة، ليتمكن من ملاحقة ركب التقدم التقني الذي لا هوادة فيه ليكون أو لا يكون.

ربما يعجبك أيضا