شاهد.. ضحكة رمضان المفقودة من منزل “بوجي وطمطم”

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

“باجاجيجو يا بجبج يا بجاجي بوجي يا بيجو

طمطومة يا طمطم يا طماطم يا طماطماية

احنا رجعنالكوا زي زمان لازم تيجوا

علشان رمضان عاوز لمة تعالوا ورايا”

بمجرد سماع تتر المقدمة بعد أذان المغرب كان يلتف حول التلفاز كل أفراد الأسرة الكبار قبل الصغار.. ارتبط بشكل كبير بشهر رمضان الكريم حتى أضفى إليه نكهة خاصة أثرت في نفوس كثير من الأجيال حتى يومنا هذا، ألا وهو مسلسل الأطفال الشهير “بوجي وطمطم”.

لم يكن مسلسل “بوجي وطمطم” مجرد مسلسل كارتوني عادي، بل كان طفرة كبرى في عالم الأطفال منذ عرضه الأول عام 1983 بفضل المبدع والأب الروحي الفنان “محمود رحمي”.

“بوجي وطمطم

بوجي وطمطم دول حبايبنا

وباقالهم كام سنة سيبنا من بعد ما رجعوا وغانوا

حالو يا حالو

مع بوجي وطمطم هتحلوا”

من داخل “أتليه العرائس” – منزل الفنان محمود رحمي – تحدثنا أرملة الفنان “رحمي” فوقية خفاجي عن أسرار حكايات “بوجي وطمطم”، وتروي لـ”رؤية” ذكرياتها مع المسلسل.

في البداية أعربت خفاجي –التي لازالت تحتفظ بالعرائس حتى اليوم-، عن امتنانها للفنان محمود رحمي التي كانت من ضمن مساعديه في المنزل والتليفزيون، قائلة: “أنا كان ليا الكرم إني ابقى زوجته وعلمني فن العرائس وحببني فيه وبقيت مساعدته في البيت وفي التليفزيون”.

وتابعت: “محمود رحمي فنان مش عادي، هو عبقري مصري أصيل بيحب وطنه بيحب بلده، أدرك أن الفن هو رسالة لخدمة المجتمع وخدمة الإنسان”.

“رحمي هو فنان تشكيلي خريج كلية الفنون الجميلة عام 1964 قسم النحت، نظم معرض في أوائل الستينات فلاحظ أن كل المتابعين مهتمين بالفن التشكيلي ولأن لديه رسالة للمجتمع حول كل أعماله من الفن التشكيلي إلى فنون الطفل، فنون الطفل كان أصعب لأن التعامل مع الطفل أصعب من التعامل مع الكبار”، هكذا قالت خفاجي عن بدايات علاقة زوجها بالعرائس.

“رحمي هو فنان تشكيلي خريج كلية الفنون الجميلة عام 1964 قسم النحت، نظم معرض في أوائل الستينات فلاحظ أن كل المتابعين مهتمين بالفن التشكيلي ولأن لديه رسالة للمجتمع حول كل أعماله من الفن التشكيلي إلى فنون الطفل، فنون الطفل كان أصعب لأن التعامل مع الطفل أصعب من التعامل مع الكبار”، هكذا قالت خفاجي عن بدايات علاقة زوجها بالعرائس.

وأضافت: “الفنان رحمي كان مبدع جدا وموهوب في الفن التشكيلي، اختار فنون الأطفال والتحق بالتليفزيون الذي بدأ افتتاحه في أوائل الستينات، وحول شغله من فن تشكيلي إلى فن العرائس من خلال الشاشة الصغيرة”.

ثمن رحمي دور الفنانين في توصيل الرسالة وقيمة الفن الشعبي للوصول إلى ملايين الأطفال من خلال العرائس.

أنشأ قسم العرائس في التلفزيون وأنشا العديد من الشخصيات بدأ بـ”أرنوب” و”بقلظ” و”دبدوب”، وبدأ بعمل برامج أطفال، وكرس نفسه خلال سنوات على تطوير هذا العمل حتى ينتج شخصية مصرية تعكس عادات وتقاليد الشعب المصري، وتغرس حب الوطن في قلوب أبناءه، وحتى لا تبحث الأطفال عن منتجات غربية قد تحمل أفكارًا تتعارض مع طبيعة الشعب المصري، فالفنان رحمي هو رائد هذ الفن في الوطن العربي، هكذا وصفته فوقية خفاجي.

“في حاجات في بلدنا جميلة لكن ماحناش عيشنها

علشان محناش شيفنها نبدأ وندور ونقول للناس دة بلدنا

واحنا ولدها وحبينها مصر دة حلوتها حلاوة

عسل أبيض لأ بقلاوة

واللي مابيحبش بلدي نهاروا أبيض مش هيعدي

لو حتى عصابة واوا”

تتابع خفاجي: عروسة رحمي “ماركة” كان لما بيصمم عروسة يشوف من الناحية الوجدانية هتقدم ايه ومن الناحية التشكيلية هتجذب إزاي الطفل، مضيفة: “الفنان رحمي عمل لمصر الشخصية الوطنية الي وصلت في الآخر لبوجي وطمطم”.

وتوضح، “بوجي وطمطم، البنت والولد، بوجي قرد وطمطم أرنبه، عايشين في بيت واحد مفيش أي مشكلة بس عشان هو شغل أطفال بيختلف عن شغل الكبار وبالتالي بيعتمد أكثرعلى الخيال لا زم يكون فيه خيال وفانتازيا، لازم الفنان يجذب الطفل ويخليه يشغل خياله وهذا ما تميز به الفنان رحمي”.

بعد أن أبدع الأب الروحي لبوجي وطمطم ووصل للطفل المصري، ركز على هذه الشخصيات وكرس وقته وجهده في نجاحها من بداية تصميم الشخصية واختيار الأداء الصوتي المناسب وكذلك النص الدرامي الجيد قام بإخراجها بنفسه، وكان سعيد جدًا بتأثر الطفل المصري بها وارتباطها بشهر رمضان المبارك.

قدم رحمي من خلال عرائس “بوجي وطمطم” كل القيم المصرية وكل ما هو مصري وكل ما هو جميل، بدأ يكتب كل سنة موضوع جديد ويضيف شخصيات جديدة على حسب الدراما حتى أصبحت “عجينة” الفنان رحمي بأكملها من أول الشخصية لإبداعها وتصميمها والكتابه وكذلك اختيار صوت الفنان الذي يؤديها، فخلق حالة في الأسرة المصرية بنكهة خاصة كلها بهجة، حتى أن أي كبير وصغير أو حتى بين الشخصيات العادية نجد من يطلقون على زويهم أسماء تلك الشخصيات “عم شكشك، طنط شفيقة، بوجي، طمطم”، فأصبحت شخصيات “رحمي” موجودة بالفعل بين المصريين لأنه ابتدع الفكرة منهم لم يقلد أي شيء أو أي عمل خارجي فعروسة رحمي مصرية 100 % وليس لها شبيه في العالم.

تشير خفاجي إلى أن الفنان رحمي عاش حياته كلها في الفن المصري وعمل رسالته بحرص شديد وبحب شديد حتى وصل للناس ولحد دلوقتي بعد وفاته بـ 15 سنة شغله مأثر في الطفل ومأثر في الناس.

وعن عدم تحقيق أي مسلسل أطفال نجاح مثل ما حققه “بوجي وطمطم”، تقول خفاجي، إن ذلك يرجع إلى “المبدع” وهو ما تفقده مصر حاليًا، مشيرة إلى أن الابداع والموهبة من عند الله، وإذا كان الفنان مؤمن برسالته سيفنى حياته من أجلها وهو ما عمله الفنان رحمي.

من جانب آخر، أشادت خفاجي بمشاركة الشاعر والفنان الكبير صلاح جاهين محمود رحمي من خلال تتر “بوجي وطمطم”، مؤكدا أن رسالة رحمي وصلت إلى الملايين من المصريين لأن الأطفال هم شباب المستقبل.

وأكدت خفاجي أن دورها الآن كمساعدة للاستاذ رحمي، أنها تحافظ على هذا التراث لأنها تدرك قيمته وتعلم ما قدمه للطفل المصري.

“ياجاجيجو يا بجبج يا بجاجي بوجي يا بيجو

طمطومة يا طمطم يا طماطم يا طماطماية”

تعتني خفاجي حتى اليوم بالعرائس جيدًا وتعمل على تهويتها من حين لآخر، كما تقوم بتجديد ملابسهم وإصلاح ما أفسده الزمن فبعد مرور أعوام لا زالت عرائس “بوجي وطمطم” بحالة جيدة وتبعث البهجة والسرور.

تتمنى زوجة رحمي أن تهتم الدولة بالطفل من جديد، وأن يكون هناك خطة من التربويين والفنانين وعلماء النفس من أجل الاهتمام بالطفل المصري، كما تتمنى أن ترى “بوجي وطمطم” من جديد على الشاشة الصغيرة بدراما جديدة تناسب الطفل الحديث والتكنولوجيا الحديثة.

ولفتت إلى أن الفنان رحمي ترك كنز وثروة قومية، من خلال إبداعه لشخصيات “بوجي وطمطم” وغيرها من الشخصيات التي دفعت مصر للحصول على عدد من الجوائز العالمية.

ولد محمود رحمي 23 يوليو في عام 1939، ودرس في كلية الفنون الجميلة وتخرج منها بدرجة امتياز مما أهله لأن ينال التعيين كمعيد في الجامعة لكنه فضل العمل في التليفزيون المصري، وتخصص من بعدها في تصميم وتقديم عروض العرائس.

من أهم أعماله، برنامج “توتة وسمسم”، شخصية بقلظ التي ارتبطت باﻹعلامية نجوى إبراهيم، بالإضافة إلى أوبريت “اللعبة” للفنانة نيلي، شخصية “الفيل فلافيلو”، جحا وحماره، دنجل، إلا أن إطلاقه لشخصيتي “بوجي وطمطم” كان من أهم نجاحاته الفنية التي ظلت تعرض بنجاح كبير في التليفزيون المصري في سلسلة مسلسلات تلفزيونية، وتوفي في 23 يوليو 2001، تاركًا خلفه إرث لا يقدر بثمن.

ربما يعجبك أيضا