اغتيالات العراق.. تشعل محافظات الجنوب والكاظمي يبحث عن مخرج

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

ما زالت الأيادي العابثة تغتال الناشطين المعروفين برفضهم للفساد السياسي والتدخل الإيراني في العراق، بدأت منذ أكتوبر الماضي وأسفرت عن مقتل بعض الناشطين كان آخرهم الناشطة ريهام يعقوب، الأمر الذي أدى لتصاعد الغضب في المحافظات الجنوبية والاشتباك مع قوات الأمن للمطالبة بمحاسبة القتلة، وسط تكهنات باستمرار مسلسل الاغتيالات لوأد الأصوات المناهضة للفساد وميليشيات إيران، لتضع حكومة الكاظمي في مأزق أمام سلاح الميليشيات ومخططاتهم في التخلص من معارضيهم.

البصرة تشتعل

وسط تصاعد غضب العراقيين بسبب اغتيال الناشطين، اشتبكت قوات الأمن مع محتجين في البصرة، وأطلقت الرصاص في الهواء لتفريقهم.
وبحسب مصادر أمنية، فإن المتظاهرين أضرموا النار بمكتب البرلمان في البصرة، وقامت قوات الأمن بإطلاق النيران في حين كان المحتجون يلقون القنابل الحارقة على المبنى.

يشار إلى أن المحتجين احتشدوا لمطالبة البرلمان العراقي بإقالة المحافظ بعد مقتل اثنين من الناشطين وإصابة آخرين في ثلاث هجمات منفصلة نفذها مسلحون مجهولون خلال الأيام القليلة الماضية.

من جهتها، أعلنت شرطة البصرة، في بيان، أنها “تلتزم بأقصى درجات ضبط النفس رغم استعمال المتظاهرين لقنابل المولوتوف وقذف الحجارة”.

ودائما ما يخشى من المظاهرات في البصرة، لما للمدينة من خصوصية بسبب محاذاتها لإيران، ولأنها المنفذ المائي الأول في العراق، ولأنها تحوي أكبر الحقول النفطية.

يذكر أن الأيام الماضية شهدت سلسلة اغتيالات في البصرة، بدأت مع قتل الناشط تحسين أسامة الأسبوع الماضي، تلته الناشطة ريهام يعقوب، بالإضافة إلى تعرض المتظاهر والناشط فلاح الحسناوي الرسام وخطيبته لمحاولة اغتيال، إثر إطلاق نار من مجهولين، ما أدى إلى وفاة الفتاة وإصابة الحسناوي بسبعِ طلقات نارية.

الغضب يتصاعد

لكن يبدو أن الترهيب والوعيد لن يثني متظاهري جنوب العراق عن رفع الصوت لتنفيذ مطالبهم، وعلى رأسها التحقيق في مسلسل الاغتيالات التي طالت العديد من الناشطين، لاسيما مؤخرًا في البصرة.

فعلى الرغم من الانفجار الذي استهدف ليل الجمعة إحدى خيام الاعتصام في ساحة الحبوبي وسط الناصرية (مركز محافظة ذي قار)، توافدت حشود من المتظاهرين إلى ساحة الاعتصام، رافعين أصواتهم مجددًا ومنددين بعمليات القتل والترهيب.

في المقابل، وجه محافظ ذي قار، ناظم الوائلي، قيادة شرطة المحافظة بالتحقيق الفوري في الانفجار.

كما دعا قيادة الشرطة إلى نشر المزيد من القوات الأمنية في محيط ساحة الحبوبي، مشددا على ضرورة تعاون المتظاهرين والمواطنين مع القوات الأمنية والإبلاغ عن جميع الحالات المشبوهة.

وكان الغضب تصاعد في الناصرية بسبب تكرار عمليات استهداف واغتيال الناشطين، وخرجت مظاهرات منددة بالميليشيات والأحزاب الموالية لإيران في الناصرية، حيث أحرق متظاهرون غاضبون، مقرات أحزاب عراقية، كما أحرقوا صور نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق، لا سيما بعد تصريحات تخوينية توجه بها إلى عدد من الناشطين ومنهم الطبيبة العراقية ريهام يعقوب التي اغتيلت في وسط البصرة.

مسلسل الاغتيالات

بدأت سلسلة الاغتيالات منذ أكتوبر الماضي باغتيال ناشطين في البصرة، وتوالت بعدها عمليات قتل واختطاف للمتظاهرين العراقيين، ولقي عدد من النشطاء حتفهم برصاص مجهولين، وكان أبرزهم الخبير السياسي هشام الهاشمي الذي قتل أمام منزله.

وبعد وعود بمحاسبة القتلة، بدأت موجة العنف مرة أخرى عندما اغتيل الناشط تحسين أسامة الأسبوع الماضي، ما أدى إلى مظاهرات في الشوارع استمرت ثلاثة أيام أطلقت خلالها قوات الأمن الرصاص الحي على المتظاهرين الذين رشقوا منزل المحافظ بالحجارة والقنابل الحارقة وأغلقوا عدة طرق رئيسية.

إلى ذلك، أقال رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، مسؤولين في شرطة البصرة والأمن الوطني، وأمر بفتح تحقيق في أعمال العنف، وهدّأ ذلك المتظاهرين حتى أعاد مقتل ريهام يعقوب خروجهم إلى الشوارع.

يذكر أن الناشطة ريهام يعقوب، التي اشتهرت بمشاركتها في الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت ضد الطبقة الحاكمة، والمحاصصة والفساد في العراق، فضلاً عن سيطرة الميليشيات الموالية لإيران، قتلت يوم الأربعاء، وأصيب ثلاثة آخرين عندما فتح مسلحون يحملون بنادق هجومية ويستقلون دراجة نارية النار على سيارتهم.

وهذه هي الحادثة الثالثة خلال أسبوع، والتي يستهدف فيها مسلحون ناشطاً سياسياً، بعد مقتل أحد النشطاء وإطلاق النار على أربعة آخرين بسيارتهم في حادث منفصل.

من جهة أخرى، عرضت فضائية “الغد” تقريرًا عن قائمة اغتيالات جديدة مسربة لناشطين مدنيين كان لهم دور في التظاهرات العراقية التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح التقرير، أن الحساب كتب فوق اللائحة عبارة تهديد مفادها “كواتمنا لا تخطئ الهدف” في الإشارة إلى كواتم الصوت الخاصة بالأسلحة.

مأزق الكاظمي

تعقيبًا على الاغتيالات، قال رئيس الوزراء السابق إياد علاوي: “البصرة تُذبح وأبناؤها يتعرضون لحملة إعدامات غير مسبوقة على مرأى ومسمع من الحكومة وأجهزتها الأمنية من دون رقابةٍ أو حساب” وسأل: “هل سننتظر الإعلان عن تشكيل لجان تحقيق جديدة.. سرعان ما ستفشل في إعلان النتائج كما فشلت سابقاتها”.

وفي وقت سابق، أوضح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على تويتر أن إقالة قائد شرطة البصرة وعدد من مديري الأمن جاءت نتيجة لعمليات الاغتيالات الأخيرة، وقال: “سنقوم بكل ما يلزم لتضطلع القوى الأمنية بواجباتها”، وبعيدًا عن الإجراءات التي قام بها لم يتمكن حتى الآن من تقديم المسؤولين عن هذه الاغتيالات، وسط ضغوطات يواجهها من قبل الكتل الشيعية الموالية لإيران وكذلك من طهران التي سعت لإيصال رسائل توحي بقدرتها على تفجير الأوضاع في العراق وذلك قبيل زيارته لواشنطن.

وعلى الصعيد الدولي، أدانت كل من الولايات المتحدة وفرنسا بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي عمليات الاغتيال الممنهجة بحق النشطاء، وطالبوا بتقديم المسؤولين للعدالة وإخضاع الفصائل المسلحة لسيطرة الدولة.

لا شك أن محاسبة القتلة، تضع حكومة الكاظمي أمام معضلة الرضوخ للفصائل المسلحة المرتبطة بإيران أو مواجهتهم وتقديم المتسببين في الاغتيالات للعدالة، لتهدئة الشارع العراقي الرافض لتدخلات إيران وميليشياتها، لكن جرت العادة على ألا تفضي مثل هكذا عمليات اغتيال إلى تسمية مرتكبي الجرائم أو محاسبتهم.

ربما يعجبك أيضا