هل تتحول جورجيا إلى ساحة مواجهة جديدة بين موسكو وواشنطن؟

شروق صبري

في عام 2008، خاضت روسيا وجورجيا حربًا استمرت 5 أيام، لكن نشطاء يحذرون من الانجراف مجددًا نحو الكرملين.


استخدمت الشرطة الجورجية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين خرجوا إلى شوارع العاصمة تبليسي.

وخرج آلاف المتظاهرين للشوارع بعد أن صوّت المشرعون الجورجيون، أمس الثلاثاء 7 مارس 2023، على مشروع قانون “العملاء الأجانب”، لأنه شبيه بتشريع روسي استخدمه الرئيس فلاديمير بوتين، لقمع المعارضة.

معارضة رئاسية للقانون

لتهدئة الأوضاع، أيدت الرئيسة سالومي زورابيشفيلي، التي تجرى زيارة إلى مدينة نيويورك الأمريكية، المتظاهرين، وتعهدت باستخدام حق النقض ضد التشريع، حسب وكالة بلومبرج الأمريكية.

وقالت في خطاب لها، إن المشرعين الذين أيدوا مشروع القانون انتهكوا دستور جورجيا. مضيفة أنه على المسؤولين السعي لضم جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي، والتخلي عن مشروع القانون.

غف

تبني آراء بوتين

حسب بلومبرج، دافع رئيس الوزراء، إيراكلي جاريباشفيلي، عن مشروع القانون، بحجة وجود نقص في الشفافية والمساءلة. ودعا إلى تسجيل وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية ذات الدخل الأجنبي.

وأضاف مرددًا صدى خطاب لبوتين: “مستقبل بلادنا لا ينتمي ولن يخص عملاء وخدام أجانب لبلد أجنبي.. مستقبل بلادنا وشعبنا ملك للوطنيين”.

العودة إلى كنف روسيا

أشارت بلومبرج إلى أنه منذ “ثورة الزهور” عام 2003، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق، إدوارد شيفردنادزه، المدعوم من موسكو، سعت جورجيا إلى الابتعاد عن روسيا، والاندماج في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو). لكنها تخاطر الآن بالعودة إلى موسكو، وتمرر الحكومة تشريعات مشابهة استخدمها بوتين لسحق معارضيه.

في العام 2012، اعتمدت روسيا قانونًا يسمح للسلطات باتخاذ إجراءات ضد المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام وغيرها من الجهات التي تصفها بالـ”عملاء أجانب” حسبما أوردت فرانس 24.

مشروع قانون العملاء الأجانب

حسب بلومبرج، صنف مشروع قانون العملاء الأجانب، أو كما يسمى بـ«قانون شفافية التأثير الأجنبي»، وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية، التي تتلقى تمويلات من جهات أجنبية بأنهم عملاء أجانب.

وأفادت بأن مشروع القانون يهدد بغرامات وسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات لمنظمات أو أفراد يتلقون ما لا يقل عن 20% من دخلهم من الخارج، ويفشلون في التسجيل لدى الحكومة بصفتهم “عملاء نفوذ أجنبي”.

محاولة انتقام

نقلت بلومبرج عن مدير معهد الدراسات الأوروبية بجامعة ولاية تبليسي، نينو لابياشفيلي، قوله إن “نية واضعي القانون الجورجي هي السيطرة على نفوذ الدولة المعادية داخل جورجيا”.

وأضاف “إنها محاولة غير مبررة للانتقام من منظمات المجتمع المدني التي يمولها الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة أو شركاء استراتيجيين غربيين آخرين”. في حين انتقدت واشنطن والاتحاد الأوروبي هذا الإجراء باعتباره تهديدًا للديمقراطية.

مواجهات متوقعة

رجحت بلومبرج، في تقريرها، أن مشروع القانون سيخلق ردود فعل عنيفة تصل إلى ذروتها في غضون أيام، ويشق التشريع المقترح طريقه عبر البرلمان، ما يفاقم التوترات في الشوارع. واعتقلت الشرطة نحو 36 شخصًا في احتجاجات خارج البرلمان، وما زال أكثر من نصفهم رهن الاحتجاز.

وأشارت إلى أن أحزاب المعارضة شجبت وسائل الإعلام وجماعات المجتمع المدني ما أسموه «القانون الروسي»، في حين حذرت جمعيات تجارية رائدة في جورجيا من أن هذا الإجراء يهدد بتقويض فرص البلاد في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.

القانون الروسي

حسب بلومبرج، أثار رد فعل جورجيا الصامت على الحرب الروسية الأوكرانية انتقادات شديدة من مسؤولين في كييف، ومن داخل جورجيا نفسها، التي خاضت حربًا قصيرة مع روسيا في العام 2008.

وعلى الرغم من إدانة رئيس وزراء جورجيا، إيراكلي جاريباشفيلي، للحرب، إلا أنه لم يفرض عقوبات على روسيا، ورفض تقديم المساعدة العسكرية إلى كييف، واتهم المعارضين لسياسته بالسعي إلى “إنشاء جبهة ثانية في جورجيا”.

قثغتعزيز المصالح الروسية

رأت بلومبرج أن مشروع القانون، الذي يؤيده حزب الحلم الجورجي الحاكم، يعزز بنحو غير مباشر المصالح الروسية، من خلال الحد من تأثير الجماعات التي تعتمد على التمويل الكبيرة من الولايات المتحدة وأوروبا.

وعليه، قالت العديد من وسائل الإعلام الجورجية والمنظمات غير الحكومية، التي احتشدت خارج مبنى البرلمان في العاصمة تبليسي، إنهم يرفضون القانون ولن يؤيدوه حتى وإن وصل بهم الأمر إلى السجن.

عضوية الاتحاد الأوروبي

وفق فرانس 24، تقدمت جورجيا بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا ومولدوفا، بعد أيام من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2022.

وأشارت الشبكة الفرنسية إلى أن خطط الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي منصوص عليها في دستور جورجيا، ووفقًا لاستطلاعات الرأي، يدعمها ما لا يقل عن 80% من السكان.

ربما يعجبك أيضا