التطورات الإقليمية.. لماذا تنزعج إيران؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

تأزم متسارع يشهده الملف الأمني العراقي بعد الهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة عين الأسد غربي الأنبار وإعلان نتائج التحقيق في هجمات أربيل.. الإعلان الذي يدين كتائب «سيد الشهداء» الموالية لإيران ويضعها في دائرة الاتهام .

الاعترافات التي عرضتها السلطات الكردية أثارت حفيظة المليشيات والقوى الموالية لإيران في العراق حيث نفت الكتائب ضلوعها بالهجوم على مطار أربيل.. والسؤال متى تقرر الحكومة العراقية التعامل بنفس هذه الطريقة دون تردد ومواجهة الميليشيات الإرهابية المزعزعة للاستقرار؟

ميليشيا

ميليشيا «سيد الشهداء»

بمسميات ورايات وشعارات مختلفة صنعت إيران لنفسها أدوات وأذرع تنفذ عبرها أجندتها في المنطقة، من بينها كتائب «سيد الشهداء» التي تتبع ميليشيا الحشد الشعبي وتدين بالولاء لإيران، تأسست عام 2013 وتتخذ من معسكر الصقر جنوبي العاصمة بغداد مقرا لها.

يُقدّر عدد مسلحيها بنحو 4 آلاف مسلح ينتشرون في مدن ومحافظات عراقية عدة، وبشكل مكثف في الكرخ والناصرية والعمارة والكاظمية والبصرة وأيضا صلاح الدين. تواجه هذه الميليشيا اتهامات بارتكاب جرائم وانتهاكات بحق المدنيين العراقيين.

خلال السنوات الأخيرة، شهدت عدة محافظات عراقية جنازات لعشرات الجثامين التي تعود لمقاتلين من الميليشيات نفسها ممن قتلوا في سوريا أثناء انخراطهم في الصراع السوري إلى جانب حزب الله اللبناني. مع ذلك، يغامر قادة الميليشيا بعدما أبدوا في يوليو 2018 استعدادهم القتال إلى جانب ميليشيا الحوثي في اليمن والانخراط في الأزمة اليمنية التي يبدو أن جرائم ميليشيا الحوثي غير كافية، لتأتي ميليشيا أخرى تزيد المشهد دموية.

قائدها أبو آلاء الولائي الذي لا يجد حرجا في الاعتراف علنا بالولاء المطلق لـلمرشدالإيراني، علي خامنئي​، شاركت مع غيرها من الفصائل الموالية لنظام الملالي في العراق في قمع الحراك الشعبي عام 2019 .

ملالي إيران.. الدائرة تضيق

يبدو أن الدائرة تضيق حول نظام الملالي، حتى أنها جعلت وزير دفاع خامنئي، أمير حاتمي، يصرّح بأن مجموعة من التطورات الإقليمية والدولية وقعت من منطلق معاداة النظام في بلاده.

واعتبر حاتمي، أن تغيير الحكومة العراقية السابقة، واغتيال قاسم سليماني وفخري زادة، والاحتجاجات في لبنان التي وصفها بـ«الهجمة الإعلامية على المقاومة في لبنان»، وأحداث سوريا التي أسماها بـ«التدخل الأجنبي» وتشكيل الائتلاف العربي للدفاع عن الدولة الشرعية في اليمن، والحرب في قره باغ بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان، ومعارضة الأفغان للتدخل الإيراني في شؤون بلادهم، والتي وصفها بـ«التحريض ضد إيران في أفغانستان»، كل ذلك تم من منطلق معاداة إيران على حد قوله.

ايران

لكن إذا كانت هذه هي رؤية النظام الإيراني حقيقة حتى خرج علينا أحد أرفع مسؤوليها بهذه التصريحات، فلماذا لا تكف طهران عن انتهاكاتها وجرائمها بحق شعوب المنطقة، والتدخل في شؤونها الداخلية، وعدم ترك الفرصة لمواطنيها للتعبير واختيار مستقبلهم وحكامهم كما لو كانت وصية عليهم !

لماذا يصر نظام الملالي على لعب دور الضحية ؟ والادعاء بأن كل تلك الأحداث جرت بهدف التغلب على طهران، رغم معرفة القاصي والداني، بأن نظام الملالي، دمر دولا عديدة عبر تدخلاته في شؤونها الداخلية، وما العراق واليمن ولبنان وسوريا ببعيد عن تلك الجرائم.

أين الحكومة العراقية ؟

الإعلان الأخير، رغم أنه لم يصدر عن الحكومة المركزية في بغداد، لكنها المرة الأولى التي يجري فيها الكشف عن الجهات التي تقف وراء إطلاق الصواريخ على القوات الأمريكية بالعراق، لا سيما القصف الأخير الذي استهدف قاعدة «حرير» قرب مطار أربيل بإقليم كردستان.

يطرح علامات استفهام حول جدية الحكومة المركزية في تقويض سطوة الميليشيات الإرهابية في البلاد، رغم تصريح رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي مرارا وتكرارا بأنه لا تراجع عن استعادة الدولة لدورها في حفظ الأمن وحصر السلاح بيد الدولة، حتى لو اقتضى الأمر المواجهة مع الميليشيات الإيرانية!

بيد أن الهجمات الصاروخية للميليشيات الإيرانية في العراق لا تمثل هاجسا لحكومة الكاظمي فحسب، بل أيضا لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن. لم لا، والأوامر التي تتلقاها هذه الميليشيات تأتي من إيران، تماما كالرواتب التي يتقضاها عناصرها.

ما يجعلها تمارس مزيدا من الضغوط على حكومة الكاظمي، ودفعه إلى مطالبة الأمريكيين بالانسحاب من البلاد، وترك الساحة لها لتنفيذ الأجندة الإيرانية في العراق كما خطط لها من طهران. وهو ما يعتبره مراقبون «مهاترات» هدفها ممارسة مزيد من الضغوط على حكومة الكاظمي، لأن القرار في الأخير بيد طهران، وبانتظار ما تتمخض عنه مفاوضات الملف النووي مع واشنطن والدول الأوروبية، وأن المعركة بالأساس «سياسية» بين إيران وأمريكا.

ربما يعجبك أيضا