سيناريو الخيال العلمي.. ساعة “خاشقجي” الخارقة للطبيعة !

كتبت – علياء عصام الدين

في تطور خطير طلبت الولايات المتحدة أمس من تركيا تقديم أية تسجيلات لديها قد تكشف مصير المواطن السعودي جمال خاشقجي لتضع أنقرة في مأزق شديد.

فأنقرة التي وجدت في قضية الاختفاء على أراضيها صيدًا ثمينًا تواجه الآن أسئلة صريحة من الإدارة الأمريكية حول ادعائها بامتلاك تسجيلات صوتية ومصورة .

أضحى تدخل الجانب الأمريكي بشكل رئيسي في القضية يهدد آمال تركيا في استكمال حملة التكهنات والادعاءات التي فتحت لها الباب على الغارب لاستغلالها لمصالحها الخاصة.

ويبدو أن الصحف التركية لم تكتف بنسج السيناريوهات المفتعلة والكاذبة بل أضفت عليها نوعًا من” الخيال العلمي” الذي كشف ليس فقط عن تدليس وكذب هذا الإعلام بل عن غبائه أيضًا.

ترامب يشكك في التسجيلات التركية

بعد أن أغلقت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كل الطرق أمام الأصوات المنادية بمقاطعة السعودية اقتصاديًا بعد تأكيده صراحة أن أمريكا لن تتخلى عن المملكة بقوله “لا أريد التخلي عن السعودية”.

يفتح الآن ترامب الجبهة على الجانب التركي، وقد استشعر المؤامرة التي تحاك ضد المملكة وبدأ بمطالبة أنقرة بتقاسم التسجيلات الصوتية والمصورة التي ادعت امتلاكها.

وطالب ترامب من تركيا نسخة من التسجيلات الصوتية التي تدعي أنها حصلت عليها من داخل قنصلية السعودية في إسطنبول مشككًا في وجودها من الأساس.

وقال الرئيس ترامب، في تصريحات لفوكس نيوز “طلبنا من تركيا الاطلاع على التسجيلات، إذا كانت موجودة” .

وتابع متسائلًا هل ستستجيب تركيا وتقدم نسخة من التسجيلات الصوتية لوزير خارجيتنا أثناء عودته من أنقرة، بعد مناقشة آخر التطورات بشأن قضية اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي، ملمحًا إلى أنه سيعرف ما الذي جرى للصحفي المختفي في نهاية هذا الأسبوع على الأرجح.

تسجيلات تتحدى العلم !

كان مسؤولون أتراك زعموا في تصريحات لصحف ووكالات أنباء غربية أن لديهم تسجيلات صوت وصورة لعملية قتل المواطن السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، ونقلت وسائل إعلام عالمية تصريحات المسؤولين دون الاطلاع على أي تسجيلات.

وكانت صحيفة “صباح” التركية قد زعمت أن ساعة “آبل” التي كان يرتديها خاشقجي قد سجلت مقاطع صوتية للحظات التحقيق معه وتعذيبه وقتله داخل القنصلية السعودية وأرسلتها إلى هاتفه الجوال الذي كان بحوزة الخطيبة “المزعومة “خديجة جينكيز، وادعت الصحيفة أن المحققين بعد ملاحظتهم للساعة قاموا بفتحها عن طريق بصمة إصبعه وحذفوا بعض المقاطع.

وكان مراسل صحيفة “صباح” التركية في واشنطن راغب صويلو قد أطاح بشجاعة بمزاعم “صحيفته” حول وجود تسجيلات صوتية للحظات التحقيق مع خاشقجي وتعذيبه وقتله.

وقال صويلو غير آبه بمركزه في الصحيفة “ليس لدى صحيفة صباح التركية شريط صوتي لقتل خاشقجي. قيل لي إن الادعاءات غير صحيحة”.

ساعة آبل الخارقة!

بيد أن الرواية التركية “السخيفة” حول ساعة “آبل” الخاصة بخاشقجي والخارقة للطبيعة لم تستمر كثيرًا، فساعة “آبل” التي توهمها الأتراك والتي تسجل وترسل المقاطع الصوتية، لم تنتجها الشركة بعد، فضلًا أن خاصية الفتح عن طريق البصمة كانت سيناريو كرتوني إلى حد بعيد.

فقد كشف خبراء تكنولوجيا “فبركة الإعلام التركي” حول مزاعم مسربة بشأن تسجيلات “ساعة آبل” الخاصة بخاشقجي والتي تشير لتعذيبه وقتله.

ووفقًا للخبراء فمن المستبعد بشدة أن تكون الساعة قد سجلت ما حدث داخل القنصلية وحملت البيانات على حساب تابع لخدمة الحوسبة السحابية “أي كلاود”، فمعظم أنواع ساعات “آبل” تتطلب أن تكون الساعة على بعد يتراوح بين 9 و 15 مترًا من الآيفون المتصلة به حتى تحمل البيانات على خدمة أبل أي كلاود.

وأطاح الخبراء بدورهم بمزاعم الإعلام التركي مشيرين أنه حتى أحدث ساعات أبل والتي يمكنها الاتصال بخدمة “آي كلاود” لاسلكيًا تتطلب شبكة إنترنت لاسلكي قريبة أو شكل من أشكال الاتصال عبر الهواتف الذكية غير المتوفرة في تركيا من الأساس.

إعلام مدلس وغبي !

تتهاوى الرواية التركية المفبركة حول الساعة الخارقة مصطدمة بالحقائق التقنية التي لا مواربة فيها، وتثبت شكلًا وموضوعًا أن ما أوردته الصحيفة عن ساعة خاشقجي معلومات مغلوطة فساعة “آبل ووتش” يجب أن تتعرف على كلمة المرور الخاصة “بالواي فاي” داخل القنصلية كي تعمل، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتوفر في حالة خاشقجي، لاسيما أن الإعلام المضلل زعم أنه كان مهددًا، كما أن خطيبته، التي زعمت أن هاتفه المحمول كان بحوزتها، يجب أن تنضم لنفس شبكة الواي فاي باستخدام نفس كلمة السر حتى يتم الاتصال بين الساعة والهاتف من أجل اتصالهما ببعض، فإن المسافة بين الساعة والهاتف لا يجب أن تزيد عن 30 قدماً وهو أمر لا يحدث إلا في أفلام الأبطال الخارقين!

وتتوالى التسريبات الإعلامية المتناقضة بشأن اختفاء المواطن السعودي بشكل لافت للنظر وفي المقابل لم تقدم أنقرة أي دليل رسمي  من الأدلة المزعومة حتى اللحظة، في الوقت الذي يعمل فيه فريق تركي سعودي مشترك في التحقيقات.

من جانبها شجبت السعودية، على لسان وزير داخليتها الأمير عبدالعزيز بن سعود، ما يتم تداوله في بعض وسائل الإعلام من اتهامات زائفة، وتهجم على المملكة حكومة وشعباً، مؤكدة أن ما تمَّ تداوله بوجود أوامر بقتل خاشقجي “هي أكاذيب ومزاعم لا أساس لها من الصحة تجاه حكومة المملكة، المتمسكة بثوابتها وتقاليدها والمراعية للأنظمة والأعراف والمواثيق الدولية”.

وعلى الرغم من أن ملابسات القضية “الغامضة” لا زالت قيد التحقيق، تستمر الوقاحة الإعلامية للصحف التركية والقطرية بمواقف سافرة لخلق بروباجندا مفتعلة حول القضية ولا تزال الفبركات والأكاذيب بشأن القضية وملابساتها تتكشف يومًا بعد الآخر .

 

 

ربما يعجبك أيضا