مقايضة الغاز مع روسيا يدفع إيران إلى تطوير حقولها الجنوبية

تطمح إيران أن تصبح مركزًا للطاقة، وقدمت مقترحًا، في وقت سابق، يقضي بتمرير الغاز الروسي عبر أراضيها، لعملاء موسكو من دول آسيا.

وتأتي مقايضة النفط والغاز بين روسيا وإيران، بعد صفقات مشابهة مع دول في شمال إيران، مثل تركمانستان وأذربيجان. بجانب حاجة طهران لسد احتياجاتها الداخلية، وتراهن على إيصال غازها للأسواق الخارجية، عبر التعاون مع دول في جنوبها، مثل قطر وسلطنة عمان.

التعاون مع روسيا في مجال الغاز

وقعت الشركة الوطنية الإيرانية للنفط، وشركة جازبروم الروسية، 19 يوليو 2022، مذكرة تفاهم تبلغ قيمتها 40 مليار دولار. وتتضمن المذكرة تطوير حقلي غاز كيش وبارس الشمالية، وتعزيز الضغط في حقل بارس الجنوبي، وتطوير 6 حقول نفطية، وتبادل الغاز والمنتجات، واستكمال مشاريع الغاز الطبيعي المسال، وإنشاء خطوط أنابيب لتصدير الغاز، وغيرها من التعاون العلمي والتكنولوجي.

وتحاول روسيا إنشاء تحالفات جديدة، بعد أن أدت الحرب في أوكرانيا لفرض الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى عزلة عليها. وفي أكتوبر 2022، قال مساعد وزير الخارجية الإيراني، مهدي صفري، إن بلاده تعتزم شراء الغاز من روسيا، في إطار عملية المقايضة، ومن ثم بيع الغاز الايراني لدول الجوار. وأوضح أن حجم مقايضة الغاز هو 10 ملايين طن سنويًّا.

التصدير لدول الجوار

شرح صفري أن روسيا تنفّذ مشروعًا لإنشاء خطوط نقل الغاز داخل باكستان، لتصدير الغاز الإيراني عبره. وكذلك أعلن إنشاء شركة إيرانية روسية مشتركة لمد خطوط نقل الغاز إلى دول الخليج وبحر عمان، وتبلغ حصة كل بلد 50% في هذا المشروع.

وأوضح أن الروس يستخدمون تكنولوجيا خاصة، لإنشاء أنابيب نقل الغاز في قاع البحر، بهذا المشروع. وكذلك، فإن المقايضة تساعد إيران على توفير الغاز لمحافظتها الشمالية، في حين تصدّر الغاز من حقول الجنوب إلى دول الجوار في الخليج وباكستان.

دراسة آليات تنفيذ الصفقة

تشهد صفقة مبادلة النفط والغاز بين روسيا وإيران تطورات جديدة، فحسب وكالة تاس الروسية، أعلن نائب رئيس الوزراء، ألكسندر نوفاك، يوم الجمعة 10 فبراير، أن ممثلي البلديْن يعكفون على مناقشة التفاصيل التقنية للصفقة، ومن ضمنها مقترح طهران لنقل الإمدادات. ووصف المسؤول الروسي الصفقة بأنها “مشروع واعد”.

وألمح نوفاك إلى أن الصفقة، التي تشمل مبادلة إمدادات النفط والغاز، وليس الغاز وحده، كما أُثير في وسائل الإعلام لدى إعلانها، وقد يتوصل إلى اتفاق بشأنها بين البلدين. وتشمل الصفقة مراحل عدة، ويُركز الطرفان -خلال المرحلة الأولى- على مبادلة 5 ملايين طن من النفط (35.5 مليون برميل)، بجانب 10 مليارات متر مكعب من الغاز.

زيادة الإنتاج في إيران

باتت مسألة زيادة إنتاج الغاز الإيراني تمثّل أولوية قصوى في أجندة حكومة طهران، نتيجة تزايد الطلب المحلي بمعدلات مطردة، لا سيما في أشهر الشتاء الحالية، وتُستعمل السلعة الحيوية أساسًا لأغراض التدفئة. وشهدت إيران نقصًا حادًا في المعروض المحلي من الغاز خلال الأشهر الأخيرة، ما اضطرها لقطع الإمدادات عن مجموعة من المدن، في يناير الماضي، بغية ترشيد الاستهلاك.

وحسب تقرير لوكالة شانا الإيرانية، 13 فبراير، كشف الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية، محسن خجسته مهر، النقاب عن خطط لزيادة إنتاج الغاز 50% بحلول عام 2029، في إطار مساعي احتواء أزمة نقص الإمدادات. وقال خجسته: “مع تنفيذ تلك الخطط، سترتفع سعة الإنتاج من مليار متر مكعب إلى 1.5 مليار متر مكعب يوميًّا بحلول عام 2029”.

وحسب تقرير لمنصة الطاقة، 12 فبراير، تشير أهداف خطة التنمية لمدة 20 عامًا إلى أن إيران ستمثّل 10% من تجارة الغاز الطبيعي العالمية بحلول عام 2025، إلّا أن ارتفاع مستوى الاستهلاك المحلي، وعدم قدرتها على جذب رأس المال الأجنبي والتكنولوجيا، سيجعلان البلاد غير قادرة على تحقيق أهدافها.

تطوير حقول الغاز

اتخذت إيران خطوات عملية تجاه تطوير حقول الغاز لديها، فحسب وكالة أنباء وزارة النفط، تقترب طهران من تشغيل مصفاة جديدة في حقل بارس الجنوبي، باستثمارات تصل إلى نحو 2.5 مليار دولار، بما يضيف 42 مليون متر مكعب يوميًا. ويُعدّ حقل بارس الجنوبي أكبر حقل غاز في العالم، ويحتوي على نصف احتياطي الغاز في إيران، و70% من إنتاج الغاز لديها.

ووقعت إيران، 4 فبراير، عقدًا مع شركة الهندسة والإنشاءات البحرية الإيرانية (آي أو إي سي)، لتطوير المرحلة الأولى من حقل غاز كيش البحري، الذي يُعدّ من أكبر حقول غاز إيران، ويبلغ احتياطي هذا الحقل 56 تريليون قدم مكعبة قياسية، وسيتمتع عند تطويره بالكامل بالقدرة على إنتاج 120 مليون متر مكعب من الغاز الخام يوميًّا.