مانهاتن الصحراء..مدينة ناطحات السحاب اليمنية في خطر

هالة عبدالرحمن

وشهدت مملكة سبأ، التي حكمتها ملكة سبأ الأسطورية والعديد من السلالات الأخرى في العالم القديم، بزوغ وسقوط العديد من الحضارات، وكانت ثروتهم مرتبطة بمكانة اليمن على مفترق طرق تجارة البخور والتوابل المبكرة بين إفريقيا وآسيا.

وانضمت إلى قائمة التراث العالمي عام 1985، مع مدينة صنعاء القديمة، باعتبار “شبام حضرموت” مدينة تاريخية، تشكل منازلها الطينية أقدم مدينة ناطحات للسحاب في العالم، بالرغم أنها مبنية من الطين، وباعتبارها أعجوبة من أعاجيب الفن المعماري في العالم، وفقا لنظام هندسي دقيق توقف عنده الكثير من المعماريين.

وتأثر ما لا يقل عن 712 مسجدًا و 206 موقعا أثريا منذ اندلاع الحرب في عام 2015، وفقًا للمركز القانوني للحقوق والتنمية في صنعاء. يُعتقد أن الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير: فالاستهداف المتعمد للغارات الجوية من المتمردين الحوثيين و”داعش” والقاعدة وتجارة التهريب المزدهرة ساهمت جميعها في فقدان الآلاف من الآثار، وفقًا لتقرير صحيفة “الجارديان” البريطانية.

وتعد شبام بلدة أثرية ومركز مديرية شبام في محافظة حضرموت في شرق اليمن، نجت إلى حد كبير من العنف المباشر ، لكنها ما زالت تعاني من سنوات الإهمال، على الرغم من كونها موقع تراث عالمي تابع لمنظمة اليونسكو.

فيما تشكل المدينة المسوّرة التي تعود إلى القرن السادس عشر أحد أقدم النماذج وأفضلها للتنظيم المدني الدقيق المرتكز على مبدأ البناء العمودي.

وتعود تسميتها “بمانهاتن الصحراء” إلى مبانيها البرجية الشاهقة المنبثقة من الصخور، يبلغ تعداد سكانها 16094 نسمة حسب الإحصاء الذي جرى عام 2004.

وتقع شبام بالقرب من مصادر المياه في أعلى الوادي الصحراوي، ولكنها آمنة نسبيًا من الفيضانات، تكشف دراسات حديثة بعض أسرار قدرة المنازل الشبامية على البقاء سليمة لمئات السنين، فقد حُفر لها أساس عريض يصل عمقه إلى متر أو مترين، تبُسط عليه طبقة من روث الماشية تُرش فوقها طبقة من الملح، ليلي ذلك رص أعواد من الشجر توضع من فوقها طبقة من الرماد.

ولتسوية الأساس، توضع قطع غير مصقولة من كسارة الحجر، وبعدها تبدأ عملية البناء بالحجر أو الطوب “الني” لرفع الأساس فوق سطح الأرض بارتفاع متر بغرض تدعيمه، وحماية الجدران الخارجية للدور الأرضي من التآكل والتساقط، ويستخدم الرماد أو الطين لربط الحجارة ببعضها البعض.
 

وتوفر المباني الشاهقة الكثير من الظل للشوارع الساخنة، والجدار الخارجي المحصّن ونقطة المراقبة العالية من الأبراج تجعل من الصعب على القبائل المتنافسة الهجوم على المدينة.

وأصبحت الشوارع ضيقة جدًا بالنسبة للسيارات، لكن شبام تتمتع بالاكتفاء الذاتي إلى حد كبير، فالمزارعون وأصحاب المتاجر يلبون احتياجات العدد الصغير من السكان ويعمل الكثير من الرجال في صنع طوب من القش والطين المستخدم في البناء. كما هو الحال في العديد من المدن اليمنية.

ولا يزال سكان المدينة البالغ عددهم 3000 نسمة يتبعون إلى حد كبير نمط المعيشة التقليدي، مع وجود ما يصل إلى 40 أسرة في نفس البرج في بعض الحالات.

ويتم تربية الحيوانات وحفظ الأدوات في الطابق الأرضي ويتم تخزين الطعام في الطابق الثاني، فيما يعيش كبار السن بالدور الثالث والرابع، ويتم احتلال المستويات العليا من قبل عائلات أكثر المتزوجين حديثًا والذين لديهم أطفال صغار.

وقال علي عبدالله، 28 عاماً، الذي كان يرعى عنزة أسرته وشقيقه ماجد البالغ من العمر 10 أعوام: “غادر الكثير من الشباب”. “شبام بلدة جميلة، لكن لا يوجد أموال يمكن كسبها هنا”.
 
في مكان آخر في اليمن، تكرر القصة نفسها. خراب مشهور ينال من موقع عرش ملكة سبأ، والذي يُحتمل أن يكون الآثار الوحيدة المتبقية من مملكتها في القرن العاشر قبل الميلاد، ويقع في الصحراء بالقرب من مدينة مأرب اليمنية.

ويعتبر الموقع ذو أهمية كبيرة، كموقع سياسي وديني واقتصادي لحضارة أسطورية، وصفها الأستاذ عبدالله أبوالغيث من جامعة صنعاء بأنه العجيبة الثامنة في العالم.

بقيت فرق التنقيب والزوار الأجانب بعيدًا منذ الهجوم الذي شنه تنظيم القاعدة منذ عام 2007 على معبد في المنطقة، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص، من بينهم ثمانية سائحين إسبان، وتحولت تلك المناطق الأثرية إلى مواقع للقمامة والكتابات العشوائية، والمنحوتات القديمة تتعرض للعواصف الرملية ومحيطها محمي فقط من قبل أسوار واهية.

كتب – هالة عبدالرحمن
على حافة صحراء الربع الخالي الشاسعة التي تهيمن على شبه الجزيرة العربية، ترتفع الأبراج البيضاء والقلاع الرملية الطويلة، هذه هي مدينة شبام القديمة ذات الأسوار، والتي أطلق عليها المستكشف البريطاني فريا ستارك في عام 1930 “اليمن الحديثة”، وهي البلد الذي يسكنه أيضًا عدد لا يحصى من الكنوز الأثرية ، التي أطلق عليها “مانهاتن الصحراء”.

ربما يعجبك أيضا